سورة الكهف - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)}
يعني قطروس أخذ بيد أخيه المسلم يطوف به في الجنتين ويريه ما فيهما ويعجبه منهما ويفاخره بما ملك من المال دونه.
فإن قلت: فلم أفرد الجنة بعد التثنية؟ قلت: معناه ودخل ما هو جنته ماله جنة غيرها، يعني أنه لا نصيب له في الجنة التي وعد المؤمنون، فما ملكه في الدنيا هو جنته لا غير، ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما {وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} وهو معجب بما أوتي مفتخر به كافر لنعمة ربه، معرّض بذلك نفسه لسخط الله، وهو أفحش الظلم. إخباره عن نفسه بالشك في بيدودة جنته: لطول أمله واستيلاء الحرص عليه وتمادي غفلته واغتراره بالمهلة وإطراحه النظر في عواقب أمثاله. وترى أكثر الأغنياء من المسلمين وإن لم يطلقوا بنحو هذا ألسنتهم، فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به منادية عليه {وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبّى} إقسام منه على أنه إن ردَّ إلى ربه على سبيل الفرض والتقدير وكما يزعم صاحبه ليجدنّ في الآخرة خيراً من جنته في الدنيا، تطمعاً وتمنياً على الله، وادّعاء لكرامته عليه ومكانته عنده، وأنه ما أولاه الجنتين إلا لاستحقاقه واستئهاله، وأنّ معه هذا الاستحقاق أينما توجه، كقوله {إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى} [فصلت: 50]، {لاَوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} [مريم: 77]. وقرئ: {خيراً منهما} ردّا على الجنتين {مُنْقَلَباً} مرجعاً وعاقبة. وانتصابه على التمييز، أي: منقلب تلك، خير من منقلب هذه، لأنها فانية وتلك باقية.


{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)}
{خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ} أي خلق أصلك، لأنّ خلق أصله سبب في خلقه، فكان خلقه خلقاً له {سَوَّاكَ} عدلك وكملك إنساناً ذكراً بالغاً مبلغ الرجال. جعله كافراً بالله جاحداً لأنعمه لشكه في البعث، كما يكون المكذب بالرسول صلى الله عليه وسلم كافراً.


{لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)}
{لَّكِنَّ هُوَ الله رَبّى} أصله لكن أنا، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون لكن، فتلاقت النونان فكان الإدغام. ونحوه قول القائل:
وَتَرْمِينَنِي بِالطَّرْفِ أيْ أنْتَ مُذْنِب *** وَتَقْلِينَنِي لَكِنَّ إيَّاكِ لاَ أقْلِي
أي: لكن أنا لا أقليك وهو ضمير الشأن، والشأن الله ربي، والجملة خبر أنا، والراجع منها إليه ياء الضمير.
وقرأ ابن عامر بإثبات ألف أنا في الوصل والوقف جميعاً، وحسن ذلك وقوع الألف عوضاً من حذف الهمزة. وغيره لا يثبتها إلا في الوقف.
وعن أبي عمرو أنه وقف بالهاء: لكنه. وقرئ {لكن هو الله ربي}، بسكون النون وطرح أنا.
وقرأ أبيّ بن كعب: {لكن أنا} على الأصل. وفي قراءة عبد الله {لكن أنا لا إله إلا هو ربي}.
فإن قلت: هو استدراك لماذا؟ قلت: لقوله {أَكَفَرْتَ} قال لأخيه: أنت كافر بالله، لكني مؤمن موحد، كما تقول: زيد غائب، لكن عمراً حاضر.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10